اجنسنيا...عراقة التاريخ وبساطة الحاضر
جنة النساء، اختارتها الملكة هيلانا والدة الملك
الروماني قسطنطين مكاناً لتستحم فيه بصحبة نساد الدولة، يأتين من سبسطية ويستمتعن
بمياهها الوفيرة، هي قرية اجنسنيا.
تقع القرية إلى الشمال الغربي من نابلس وترجعها الوثائق التاريخية إلى الفترة الكنعانية الآرامية.
الدكتور باسل كيوان، باحث تاريخي ومؤلف كتاب (اجنسنيا
بين الماضي والحاضر)، يتحدث لفريق أصداء عن تاريخ القرية قائلاً: "يعود تاريخ تأسيس
القرية إلى الحقبة الكنعانية الآرامية عام 721 ق.م، وهو ما وجدناه موثقاً في كتاب
لباحث فرنسي من القرن الثامن عشر".
ويتابع كيوان: "ثم عام 539 ق.م خضعت للحكم
الفارسي، وكانت تشتهر بغزارة إنتاجها الزراعي بسبب وفرة المياه، ثم الفترة الذهبية
تمثلت بالحكم الروماني حيث ازدهرت القرية ودل على ذلك آثار العملات الذهبية التي
وجدناها هنا".
أما البلدة القديمة فيعود تأسيسها إلى الفترة
العثمانية، ولكن
القرية عانت من الأوبئة والمجاعة وهو ما أدى إلى أن يظهر آخر تعداد سكاني عثماني
للقرية عام 1583 انخفاض عدد سكانها إلى 92 نسمة فقط، بحسب ما يذكره كيوان.
أما عن تسمية القرية فهناك روايات متعددة تفسرها، يوضح كيوان: "من هذه الروايات أن الاسم كنعاني آرامي يعني العرق
والجنس، أي أن كل سكان القرية كانوا من نفس العرق".
ويضيف كيوان: "أما الرواية الأخرى فهي أن الاسم
الأصلي هو جنسانيا، أي ثمر العليق بسبب غزارة إنتاجها الزراعي".
وفي الفترة العثمانية وردت في الوثائق باسم جنسنيا،
لكن اليوم هي اجنسنيا، بتسكين الجيم وكسر النون.
لكن من يسير في القرية ويسأل لن يأتيه من يشرح هذه
الروايات، لأن الرواية المتناقلة، والتي لم تثبت في أي مصدر تاريخي بحسب كيوان، أن
الاسم يعني جنة النساء، بسبب أن الملكة الرومانية هيلانا كانت تأتي من سبسطية ومعها نساء إلى
القرية للاستحمام بمياهها الوفيرة.
الحضارات المتعاقبة على القرية تركت آثارها واضحة
على معالم القرية، فبين اجنسنيا وعصيرة الشمالية، تقع قرية تاريخية مهجرة هي دير
حميد، التي تختلف الروايات حول سبب تهجيرها.
أبرز هذه الروايات أنها دمرت بعد قتل أهلها راعيَ
أغنام اقتحم أراضيهم، فهجم عليهم أفراد عائلة الكايد التي ينحدر منها الراعي
وقتلوا القرية مقابل رجلهم.
وبالقرب من دير حميد مقام الشيخ شعلة، "الذي هو في الأساس معبد يوناني تمارس فيه الطقوس الوثنية
للإلهين زيوس وأفروديت"، يشير كيوان.
وشهد البناء عمليات ترميم تمت على
مرحلتين، يوضح كيوان، "الأولى زمن الناصر صلاح الدين الأيوبي في حروبه ضد الفرنجة
نظراً لقربه من قرية سبسطية، وحينها أصبح البناء أشبه بقلعة عسكرية تقوم برصد حركة
الاتصال وتبادل المعلومات، وكانت النار هي وسيلة الاتصال المعتمدة لهذا جاءت
التسمية (الشيخ شعلة)".
ويضيف: "المرحلة الثانية تمت
في فترة الدولة العثمانية إبان صراع كل من (الحفاة/ سيف) على زعامة وادي الشعير،
فنتيجة لذلك الصراع خرج الحفاة مهزومين إلى المقام وأعادوا ترميمه وأضافوا عليه،
ليأخذ شكله الحالي الذي هو عليه الآن".
وعلى الجانب الآخر من القرية بيت عثماني، يعود لصاحبه فارس مسعود القادم من قرية برقة، والذي كان من رجال الالتزام في الدولة العثمانية.
وعلى الجانب الآخر من القرية بيت عثماني، يعود لصاحبه فارس مسعود القادم من قرية برقة، والذي كان من رجال الالتزام في الدولة العثمانية.
يقول باسل كيوان: "موقع هذا
البيت مختار بعناية، فهو يشرف على حدود البلدة القديمة التي كانت هي القرية في زمن
الدولة العثمانية، وذلك كي يراقب الفلاحين أثناء عملهم ويجمع الضرائب منهم".
ويبين كيوان: "شهد هذا البيت
حالات تعذيب وإعدام للفلاحين المتأخرين عن دفع الضرائب، أو المعارضين لسياسة
الدولة العثمانية، ولكنه اليوم مهجور ولا أحد يسكنه".
ويحد القرية من الشمال نصف جبيل وبيت امرين، ومن الغرب سبسطية، أما من الشرق عصيرة الشمالية وزواتا ومن الجنوب الناقورة.
وبحسب اتفاقية أوسلو فإن 1800دونماً من الأراضي مصنفة (A)، و5000 دونماً (B)، وما يقارب 200 دونم (C).
وبحسب اتفاقية أوسلو فإن 1800دونماً من الأراضي مصنفة (A)، و5000 دونماً (B)، وما يقارب 200 دونم (C).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق